بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم
حين هممت بكتابة الموضوع جالت في خاطري صورا كثيرة لطالما رأيتها ولطالما حكى لي عنها بعض المقرّبين، وإن اختلفت التفاصيل فإن المحتوى يكاد يكون واحدا، حكايات ظلت تقفز لذهني من وقت لآخر.
رُوي عنهم أولئك الذين استقروا خارج الأوطان وشربوا من ثقافة الغرب الكثير ولا زالوا، رُوي عنهم قصصا رائعة وجميلة في تعاملهم مع ذوي الاحتياجات الخاصة، وفي كل قصة تكتشف مزايا وروح الانسانية بمفهومها الشامل، الإنسانية التي تشبعوا بها واستطاعوا أن يلفّوا بها كلّ تصرفاتهم فكانت الصور الجميلة في تفنّنهم بالظهور بمظهر الإنسان دون اعتبارات أخرى، فكان ذوي الاحتياجات الخاصة لا تقلقه إعاقته ولا تحدّ من طموحاته، ففي الذهن رسخت أبهى مظاهر التآزر الإنساني وفي وجدانه تأكد من حرص الآخر عليه، فهو على ثقة تامّة أن حاضره جميل ومستقبله أجمل وأن المجموعة على اختلاف ألوانها تقف وراءه وتجلّه وتقدّر تضحياته وأمله الكبير في الحياة..
في المقابل جاءت صور القتامة أمامي وأنا أرى من الناس من لا يقدر على توفير قوت يومه، فقبل أن يصاب بالعجز كان معطاء، مناضلا من أجل عمله، لايتوانى ولا يمدّ يده للسؤال، كان منتجا لأبعد الحدود.. وحين عجز لسبب أو لآخر، نفره البعض ورأى فيه علّة وزائدة عليهم التخلص منها حتى بالتجاهل واللامبالاة، فكانت القوانين والتشريعات في واد وظروف حياتهم والإحاطة بهم في واد آخر، كان محتاجا للرعاية الصحية وكانت الأموال تهدر في شراء الأسلحة، كان في حاجة لمبلغ مالي بسيط يؤمّن به حاجاته الأولية وكانت الأبراج تنصب والقصور تشيّد، كان في حاجة لكرسي كهربائي يقيه عناء التنقل وكان تمويل البرامج والمسلسلات والأفلام الهابطة..
هم نجحوا لأنهم احترموا كل الفئات، لأنهم احترموا كل الإنسان، أمّا نحن فكان مصطلح الانسان يتلاشى من تفكيرنا يوما بعد يوم حتى صرنا نبحث عن الإنسان، هل لا زال الإنسان بيننا !!
دمتم على محبة..