كنت خائفا جدا...كانا يلاحقاني في صالة البيت..وأنا اتراجع ووجهى يقابلهما مندهشا من ضخامتهما ونيتهما المبيتة في التهامي وهما يرددان: اين المهرب ياهذا..سنلتهمك لا محالة...ههه...كانتا هبرتين شرستين من اللحم تتقاطر منهما الدماء تهاجماني..وفجأة وانا اتراجع..اذ بخلفي كبة كبيرة من اللحم المفروم ....فأصبحت محاصرا من الجهتين..
وأي مخرج بعد الحصار من هذا الهجوم؟...ولم ينقذني من هذا الكابوس المخيف الى صوت صراخ أخي الصغير الذي ينام بجانبي..فأسرعت مرعوبا من كبوسي اليه لاطمئن عليه وأساله عن سبب الصراخ..ليجاوبني بنبرة باكية: ..لقد تعرضت لاعتداء من طرف سردينة ضخمة في منامي
لا تستغربو اخواني الاعضائي..فأحلامنا دوما هكذا..لاننا وبكل بساطة عائلة تتكون من 25فرد..ولم نتذوق طعم تلك المادة التي تلاحقنا في احلامنا من زمن بعيد...ضف أن سبب سجن أبي كان بسببها لمحاولته سرقة احد الجزاريين ليفرحنا في أحد أعياد الاضحى المبارك
ههه..أمنا كانت فرحة جدا بدخوله الى السجن..لأنها ستأخذ عطلة لمدة ثلاث سنوات..ولأول مرة لن تنجب لنا أخا جديد
آه ه ..اليوم سيتححق الحلم....والدتنا أكدت لنا أننا سنأكل لحما هذا المساء ..لأن عمتنا في الريف قد ماتت هذا الصباح
طبعا لن نأكل عمتنا
بل لأن عمتنا تركت لنا ارثا يتمثل في دجاجة ريفية ذهب أخي الاكبر ليحضرها من بيتها في الجبل
أمممممم...كانت دجاجة بيضاء ممتلأة باللحم...وفور دخولها الى البيت ولاننا لم نعد نتذكر كيفية التعامل مع هذه النعمة ومع هته المادة الغذائية المنعدمة في مصطلحاتنا الفكرية والبطنية..فقد قام كل واحد منا بسحب أي وسيلة من أي مكان لذبح تلك الدجاجة..فهذا بسكين والآخر بمطرقة والأخرى بمنشار وحاصرنا تلك الدجاجة في ركن من أركان المطبخ...ولكم أن تتصورو في أي موقف أصبحت فيه...فمن كثرة خوف الدجاجة بدأت تبيض وقوفا ....بيضة وراء بيضة..لا بل معلبا من البيض ومغلفا كذلك...ومن شدة الفزع كذلك كانت كل بيضة مؤرخة بطابع خاص
ههههههه...أمزح فقط
المهم ذبحت..ريشت...وغسلت والدتنا الدجاجة ووضعتها في قدر لتنضج وكلنا مجتمعون في المطبخ ننتظر
استواء تلك الدجاجة..الى أن صفر القدر وفتحت والدتنا الغطاء...وفجأة وبقدرة قادر بدأت تلك القدر بالدوران
وارتفعت في الهواء وبسرعة دوران رهيبة انسلت من نافذة المطبخ الى الخارج..ليخرج جميعنا وراء القدر ووراء دجاجتنا البيضاء..لعلنا نمسك بها...ولكن ...هيهات فقد ارتفعت القدر بعيدا في السماء وعدنا خائبين الى البيت وكأن قدرنا أن لا نأكل اللحم أبدا
في يوم الغد كتب على صفحات الجرائد خبر يقول:
شوهد ليلة البارحة طبق طائر في السماء يلاحقه 25 من المخلوقات الفضائية وهم يغنون أغنية غريبة مطلعها:
لوبيا مقارون كسكسو....
....كسكسو مقارون لوبيا
لوبيا مقارون كسكسو....
....كسكسو مقارون لوبيا